إن الحمد لله؛ نحمده ونستعينه ونستغفره، ونعوذ بالله من شرور أنفسنا وسيئات أعمالنا، من يهده الله فلا مضل له، ومن يضلل فلا هادي له، وأشهد ألا إله إلا الله وحده لا شريك له، وأشهد أن محمداً عبده ورسوله.
أما بعد، ﴿ يَا أَيُّهَا النَّاسُ اتَّقُوا رَبَّكُمُ الَّذِي خَلَقَكُمْ مِنْ نَفْسٍ.... ﴾ [النساء: 1] ﴿ يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ حَقَّ تُقَاتِهِ...﴾ [آل عمران: 102] ﴿ يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ وَقُولُوا... ﴾ [الأحزاب: 70].
أيها المؤمنون!
إن من أربى مقامات النفس وأجلها قدراً وأرفعها ذكراً وأنفعها عملاً مقامَ الهمةِ العليَّ، وذاك أن يكون محط نظر المرء في الخير أعلاه؛ فلا يرتضيَ المفضول مع قدرته على الفاضل، ولا يقنعَ بقليله وقد أمكنه الكثير، سمت نفسه عن الترهات والسفاسف؛ فلم تقنع بما دون النجوم.
ولم أر في عيوب الناس نقصًا
كنقص القادرين على التمام
هكذا تجده مترقياً في سلم السمو ممتثلاً محبة مولاه؛ إذ يقول الرسول صلى الله عليه وسلم: "إن الله تعالى يحب معالي الأمور وأشرافها" رواه الطبراني، وصححه الألباني. وما زالت به الهمة في الصُّعُد حتى انتهت به إلى طلب خير النزل؛ فكانت الجنة مطلبه، ومنتهى أمله، والهمة تحدوه إلى الظفر بأعلى منازلها، حين جعل الفردوس نصب العين وقبلة القلب ومهوى الفؤاد.
أولى هذه الصفات: الخشوع في الصلاة:
يقول الله تعالى: ﴿ قَدْ أَفْلَحَ الْمُؤْمِنُونَ * الَّذِينَ هُمْ فِي صَلَاتِهِمْ خَاشِعُونَ ﴾ [المؤمنون: 1، 2]، فقلوبهم في صلاتهم حاضرة، وجوارحهم ساكنة، وطرفهم لله منكسر، استشعروا قرب مولاهم، ونظرَه إياهم، وعلمَه بسرائرهم، ومردَّهم إليه؛ فذلت نفوسهم له، واطمأنت قلوبهم بذكره، وكانت قرة عينهم في وقوفهم بالصلاة بين يدي خالقهم، فلا لذةً تعدل تلك اللذةَ التي بها تحملوا مفارقة الرغبات واصطبروا على طول القيام، ولو تفطرت الأقدام.
وثاني صفات ورثة الفردوس: الإعراض عن اللغو:
﴿ وَالَّذِينَ هُمْ عَنِ اللَّغْوِ مُعْرِضُونَ ﴾ [المؤمنون: 3]، فليس لهم تعامل مع اللغو والعبث الذي لا فائدة منه إلا بالإعراض أياً كان هذا اللغو؛ فعلاً أو قولاً أو موقفاً أو مكاناً أو موقعاً أو قناةً، فالهمة العالية ترفعهم عن غشيان هذه الترهات، وتمنعهم من الوقوف عندها إلا فيما يجمّون أنفسهم بما لا مأخذ فيه؛ لتنشط في الخير؛ فقد قال وَهْبِ بْنِ مُنَبِّهٍ: "إِنَّ فِي حِكْمَةِ آلِ دَاوُدَ: حَقٌّ عَلَى الْعَاقِلِ أَنْ لَا يَغْفَلَ عَنْ أَرْبَعِ سَاعَاتٍ، سَاعَةٍ يُنَاجِي فِيهَا رَبَّهُ عَزَّ وَجَلَّ، وَسَاعَةٍ يُحَاسِبُ فِيهَا نَفْسَهُ، وَسَاعَةٍ يُفْضِي فِيهَا إِلَى إِخْوَانِهِ الَّذِينَ يُخْبِرُونَهُ بِعُيُوبِهِ، وَيَصْدُقُونَهُ عَنْ نَفْسِهِ، وَسَاعَةٍ يُخَلِّي بَيْنَ نَفْسِهِ وَبَيْنَ لَذَّاتِهَا فِيمَا يَحِلُّ وَيَجْمُلُ، فَإِنَّ هَذِهِ السَّاعَةَ عَوْنٌ عَلَى هَذِهِ السَّاعَاتِ، وَإِجْمَامٌ لِلْقُلُوبِ". هذا حالهم مع اللغو، فكيف بحالهم مع الحرام؟!
وثالث صفات ورثة الفردوس: التزكية:
﴿ وَالَّذِينَ هُمْ لِلزَّكَاةِ فَاعِلُونَ ﴾ [المؤمنون: 4]، زكوا نفوسهم من سفاسف الأخلاق ودناءات النفوس وأمراضها، وأدوا زكاة أموالهم طيبة بها نفوسهم؛ فكانت زكاتُهم زكاتَهم.
ورابع صفات ورثة الفردوس: حفظ الفروج:
﴿ وَالَّذِينَ هُمْ لِفُرُوجِهِمْ حَافِظُونَ * إِلَّا عَلَى أَزْوَاجِهِمْ أَوْ مَا مَلَكَتْ أَيْمَانُهُمْ فَإِنَّهُمْ غَيْرُ مَلُومِينَ ﴾ [المؤمنون: 5، 6] حفظوا العورات بالستر والعفة، فلم تُر ولم تُلمس إلا بما أباح الله في النكاح والتسري، ولم يبهروا بمفاتن الموضات التي دار قطب رحاها على حسر الغطاء عن ستر ما أوجب الله ستره، وجعلوا بينهم وبين الفواحش حمىً مانعاً من الاقتراب فضلاً عن الولوج فيها حين غضوا أبصارهم عن رؤية ما حرم الله عليهم.
This version of ورثة الفردوس Android App comes with one universal variant which will work on all the Android devices.
If you are looking to download other versions of ورثة الفردوس Android App, We have 1 version in our database. Please select one of them below to download.